في البدء لكم مني التجلة والود، انا المعماري / الطيب القوني، المحاضر بكلية العمارة بجامعة المستقبل – الخرطوم السودان، اقوم باعداد بحثي لنيل درجة الدكتوراة والمعنون ب(استخدام اسكيمات الفضاء الوجودي لتفسير عدم الدمج الاجتماعي في السودان) ولايخفى عليكم التقاطع القوي لهذا العنوان مع علم النفس، حيث يرتكز البحث بشكل اساسي على نظرية كرستيان نورينبيرج شولز المسماة الفضاء الوجودي، والتي تعتمد بشكل اساسي على مفهوم جان بياجيه عن الاسكيمة.
ولانني هنا في السودان اعياني البحث عن شخص يتفهم الامر ويعين من المختصين في علم النفس، فقد وجدت في المنتدى، بعض التوجيه وآمل كريم تفضلكم بمناقشة الموضوع لمزيد من التوجيه.
باختصار يقوم الاطار النظري للبحث على أن البشر يشكلون الفضاء اولاً في دواخلهم، ثم يتم بعد ذلك التعبير عنه مادياً، ولهم في ذلك تصورات ذهنية مشتركة او بنى نفسية يتم من خلالها تشكيل المحيط الفضائي وقد لخصها شولز في المركز والمكان، الممر والميدان وقال بانها تتمظهر على عدة مستويات تتدرج من القعر الى القمة على النحو التالي؛ الشئ، البيت،المدينة، المشهد والجغرافية وقد قمت بالتأطير النظري لهذه المفردات حسب مفهوم شولز.
وفي القسم الثاني قمت بتطبيق هذه المفاهيم على الحالة السودانية. ولأن السودان قطر متشظي متعدد الاعراق والثقافات، كان لابد من بذل الجهد للوصول الى ملامح خارطة ثقافية يتم التطبيق عليها، وحددت خارطة مقسمة إلى ستة اقاليم ثقافية.
وفي الجزء الثاني من هذا القسم قمت بدراسة تحليلية مقارنة تطبيقاً على هذه الخارطة مستخدماً لامثلة (مجموعات قبلية) لمتابعة قضيتين؛ علاقة الانسان ببيئته، وهذه تمثل الهوية الفردية، وعلاقة الانسان بارضه وهذه تؤشر للهوية القطرية الموحدِه.
وقد توصلت الى نتائج ملخصها، أن المجموعات السودانية على امتداد الخارطة الثقافية تعاني اشكالات تاريخية في علاقتها مع الجغرافيا كمعطيات مكان، وربما كان عدم الاندماج الاجتماعي مرده إلى ضعف العلاقة مع المستقر الجغرافي للبيت او الحي، وليس لكون المجتمع السوداني مجتمعاً قبلياً.
واستخلصت كذلك صوراً تجريدية لمفهوم كل مجموعة عن بيتها، وكذلك مواقف مرجعية من الجغرافيا كحدود مادية للمستوطن و الحي للمجموعات على امتداد الخارطة الثقافية.
والان جاء دور الجزء الاهم والاخير والمتعلق بتشخيص إشكال هوية الفضاء الوجودي في الاستيطان المديني الراهن في السودان وبالتالي الوصول إلى مقترب فضائي لتفسير عدم الاندماج الاجتماعي المفضي إلى ضعف الاحساس بالهوية الوطنية المشتركة, ولان هذا الجزء يعتمد على حالة تطبيق اطارها المكاني الخرطوم الكبرى العاصمة. ولان الموضوع يعتمد بشكل اساسي على مفاهيم واستجابات نفسية ربما لاتخضع للرصد الاحصائي الدقيق برزت لدي مشكلة منهجية حيث إنني اعتمدت على ثلاث اساليب هي: المقابله الشخصية، الاستبيان المكتوب، و الرسم موزعة على ثلاثة اجيال؛ الآباء الكبار، الآباء الصغار، الأحفاد من سكان المدينة. لجمع المعلومات وتحليلها ولعل الجزء الخاص بالراشدين يعتمد على استخدام مؤشرات الذاكرة البشرية اللحظية، وتلك الراسخة، لاختبار فرضيات البحث، مما يستوجب تدقيقاً عالياً لمفهوم الذاكرة وما اذا كانت تصلح كمؤشرات لمخزون العقل الباطن للافراد، وكذلك قياس مستوى الوضوح (المذكور), ولعله لم تتوفر لدي مراجع تبين هذا الامر بجلاء، ولم يتوفر لدي من أناقشه فيما اطرح. هذه واحدة اما الثانية وهذه الاصعب فتتمثل في استخدام الرسم لسبر مكنونات الجيل الثالث من العينة (الاطفال). و هذا امر غاية في الصعوبة حيث انه من الصعب تفسير استجابات الاطفال المنطوقة فما بالك بالمرسومة. ووقفت على ضرورة تدقيق المناهج حتى نتوصل إلى نتائج أكثر صدقية.
لذلك اطمع في كريم تفضلكم بقبول مناقشة الموضوع والتعليق عليه من الناحية المنهجية (من زاوية علم النفس) وتوجيهي فيما يلي اختبار الرسم الخاص بالاطفال من حيث نوعية الاسئلة ومنهجية التحليل، علماً بانني آخذ ذلك كمؤشر أخير للسيرورة المتقدمة للمفاهيم. وذك من خلال رسم البيت كاطار مادي ورسم وجوه الافراد المعبرة عن ساكني هذا الاطار المرموز له بالفضاء المعماري.
ولكم مني فائق الاحترام
والتجلة والتقدير
م/ الطيب القوني
الخرطوم السودان