العودة   عـلــم النفـــس المعــــرفـــــي > مقالات وإنتاجات علمية (خاص بالدكتور بنعيسى زغبوش) > مقالات علمية منشورة
 
 

مقالات علمية منشورة لا يحتوي هذا القسم إلا على المقالات العلمية التي تم نشرها في إحدى المجلات الورقية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 06-12-2007, 08:47 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
بنعيسى زغبوش
اللقب:
أستاذ جامعي باحث
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية بنعيسى زغبوش

البيانات
التسجيل: Jun 2007
العضوية: 1
المشاركات: 960 [+]
بمعدل : 0.16 يوميا
اخر زياره : [+]
 


التوقيت

الإتصالات
الحالة:
بنعيسى زغبوش غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : مقالات علمية منشورة
Post مساهمة البحث السيكولوجي في تأسيس العملية التعليمية

مساهمة البحث السيكولوجي في تأسيس العملية التعليمة:
ذاكرة الطفل المعجمية نموذجا

بنعيسى زغبوش
مراجعة: الغالي أحرشاو
كلية الآداب والعلوم الإنسانية
ظهر المهراز - فـاس

صدر هذا المقال ضمن:
زغبوش، بنعيسى (2004). "مساهمة البحث السيكولوجي في تأسيس العملية التعليمية". فاس: مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية – ظهر المهراز. العدد العام 13 (121-158).

1. تأطير نظري
يرتكز موضوع هذه الدراسة على مساءلة إشكالية "كيفية تأسيس العملية التعليمية على البحث السيكولوجي من خلال دراسة ذاكرة الطفل المعجمية", وبالتالي فإن هذه الدراسة تتقاطع مع الإشكالات المطروحة في السيكولوجيا المعرفية، والمتمثلة في طبيعة المعارف وكيفية تمثلها وتنظيمها، مادامت المعرفية هي معالجة المعلومات حول العالم المحيط بنا وإدماجها في الأحداث الذهنية mental events مثل التفكير والانتباه والذاكرة(Grider وآخرون، 1993: 69). كما تتقاطعهذه الدراسة مع الإطار النظري لعلم النفس اللساني, المنفتح بدوره على السيكولوجيا واللسانيات بسبب طبيعة الإشكالات التي يطرحها هذا الميدان([1]). وهي إشكالات تتعلق أساساًبدراسة البنيات التركيبية والدلالية للغة قصد تعيين سيرورات فهمها وإنتاجها. وإذا كان المعجم قد شكل دائماً في اللسانيات مرتكزاً أساسياً في بناء اللغة وفي تعيين مسارات إدراكها, فإن المعجم الذهني (Segui، 1992: 71-72) لم يصبح جزءاً خاصاً من الذاكرة البعيدة المدى إلا حديثاًبفضل التأثيرات القوية للإعلاميات وللذكاء الاصطناعي في جانبه النظري خاصةً.فالملاحظ إذن أن هذا الموضوع تتجاذبه تيارات عديدة وتتقاطع فيه نظريات مختلفة، الشيء الذي يفضي إلى بلورة نماذج خاصة بأبعاد نظرية متعدّدة، ولا يفضي إلى تطوير نظرية بعينها.
إن اقتضاءات الإجابة عن أسئلة من نوع: ما المقصود بالذاكرة المعجمية؟ ما هو محتواها؟ ما هي مظاهرها الهندسية والتنظيمة؟ ما هي أشكال النفاذ إليها؟ ماهو دورها في فهم اللغة وإنتاجها؟ هو ما دفع المهتمين بهذا الميدان إلى تبني مواقف نظرية متقاطعة حيناًومتباينة أحياناً أخرى. غير أنها تتوَحّدباستنادها إلى منطق التشبيهات بالإنجازات التكنولوجية، خصوصا التشبيه بالحاسوب لما يوفره من إمكانات التمييز بين جانب مادي (Hardware) وجانب برمجي (Software) بإمكانه الاشتغال دون التدخل المباشر للجانب المادي, وهذا ما يسمح باستخلاص تشبيهات موحية حول العلاقة بين الدماغ والذهن لدى الإنسان. وحول هذه النقطة بالذات تطور منهج النماذج (Modèles)الذي وإن كان لا يرقى إلى مصاف النظرية فهو يقدم إسهامات هامة في تطوير دراسة الذاكرة المعجمية وتقييسها([2]). وبذلك أصبحت نماذج التقييس تفرض نفسها بوصفها تقنية ومنهجا وهدفا في الوقت نفسه على التيارات المعرفية بسبب طابعها العلمي والتكنولوجي الذي اكتسبته من علاقاتها بالعلوم العصبية والذكاء الاصطناعي (Fuchs وLe Goffic،1992 : 119). كما أصبح السيكولوجيون المعرفيون يلجأون إلى تقنيات علوم الحاسوب للتعبير عن نماذج عمليات التفكير الإنساني (Huffman وآخرون،1991 : 259)، من خلال بناء نموذج مصغر لها يقوم بوظيفة إحدى الآليات المكونة للذاكرة.
لكن ما يضفي على النموذج اللغوي في السيكولوجيا صفة التعقيد هو محاولة تقييس النشاط الذهني باعتباره معالجة للمعلومات. وبذلك يكون مرتكز نظرية المعلومات وهندسة الحاسوب معبراً لابد منه لنمذجة الذاكرة وتقييسها، انطلاقاً من مقارنة المدخلات Inputبالمخرجات Outputواستنباط العمليات الواقعة بينهما. وبالرغم من التصورات المكانية التي تفرضها هذه التقييسات على الأبحاث السيكولوجية، إلا أنها كانت ذات أهمية بالغة في تطوير البحث السيكولوجي المتعلق بدراسة الذاكرة. وبذلك يكون البعد التطبيقي للنماذج اللغوية هو الذي يميز الدراسات السيكولسانية، حيث فتح التقييس آفاقاً جديدة أمام البحث السيكولوجي، وأخرجه من التراكم العقيم للمعطيات، وأصبح من ثمة خطوة ثالثة بين التفكير النظري والمعطيات التجريبية.
إن مقياس صلاحية النموذج هو أن يشتغل بشكل جيد، مما يعني بناءً نظرياًّ داخليّاً متماسكاً ومطابقاً للواقع الخارجي، وأن يحيل على صلاحية وظيفية تتعلق باشتغال النموذج، وليس على صلاحية بنيوية ترتبط بأدوات بنائه المادية والبرمجية. فالسيكولوجي المعرفي لا يهدف إلى بناء "دماغٍ اصطناعيٍّ"، بل يحاول استعمال الإمكانات الحاسوبية لتقييس المعالجة المعرفية. وبذلك يتميّز التقييس ببعده الوظيفي ويسمح بتفسير اشتغال الذاكرة وتحسين شروط الفهم ولا يرتبط ببعدها البنيوي. وإذا كانت هذه القيود تحثّنا على التساؤل عن مشروعية التعامل مع النماذج في البحث السيكولوجي، فإن ما يبرّر مشروعية تناول نماذج التقييس هو صعوبة دراسة الذهن تشريحيا، وتعذّر مراقبة الاشتغال الذهني في الزمن الفعلي. وبذلك توازي منهجيةُ السيكولوجي منهجيةَ الفيزيائي الذي يعمل على كشف القوانين الحرارية المتفاعلة داخل الشمس بمراقبة انعكاساتها على الأرض (شومسكي، 1984: 149-150).
إن الأبحاث النظرية حول الذاكرة من جهة، وانبثاق نماذج خاصة عنها من جهة أخرى، قد أفضيا إلى تمييز مهم بين مكوناتها وآليات اشتغالها. وقد نتج عن تعدُدِ النماذجِ تَنَوُّعٌ في المفاهيم والتصورات، مما أدى إلى اعتبار الذاكرة المعجمية مفهوماً متعدد الأشكال والدلالات. وقد انعكس هذا التمييز على نماذج تقييس الذاكرة المعجمية، والتي يمكن تقسيمها إلى تيارين كبيرين لهما أبعاد سيكولوجية تدعمها المعطيات اللسانية ومنهجية التشبيه بالإعلاميات، وتتمثل في نماذج تهتم ببنية الذاكرة المعجمية وأخرى تتناول سيرورات اشتغالها. فقد ركزت الأولى (Quillian، 1962، 1967، 1969؛ Collins وQuillian، 1969؛ Collins وLoftus، 1975؛ Smith وآخرون، 1974...) على الجانب الهندسي (شبكات التنظيم) ودرست المعارف الصريحة حيث اهتمت بنتيجة عمليات الذاكرة المعجمية. فيما ركزت الثانية (Forster، 1976؛ Morton، 1970، 1979، 1982؛ Marslem-Wilson، 1984، 1992...) على الجانب الوظيفي (سيرورات الاشتغال) ودراسة المعارف الإجرائية، حيث اهتمت بالعمليات التي تشتغل داخل الذاكرة المعجمية. وتتميز النماذج الأولى عامة بمحاولة تمثيل المعارف الدائمة, في حين تتميز الثانية بنمذجة نتائج معالجة معينة, مثل فهم جملة أو نص صغير.
وإذا كانت نماذج الشبكات الهرمية للذاكرة المعجمية تتوحّد في منظورها التراتبي، فإنها تنقسم إلى نماذج الشبكات المُتراتِبة (Quillian؛ Collins وQuillian؛ Collins وLoftus) ونماذج امتداد التنشيط. أما نماذج رصد الكلمات التي تتفق حول أهمية المؤثرات السياقية والتفاعلية في النفاذ إلى المعجم، فإنها تنقسم بدورها إلى نماذج التعرف على الكلمات المرئية (نموذج اللوغوجين logogen model)(Morton، 1970، 1979، 1982)؛ ونماذج التعرف على الكلمات المنطوقة (نموذج الكَتيبة cohort model)(Marslen-Wilson وWelsh، 1978؛ Marslen-Wilson، 1980، 1984، 1992).
لكن ما يوحد هذه النماذج هو انطلاقها من ذاكرة جاهزة, وتامة ومبنية سلفا. وقد سمحت هذه النماذج بتأسيس تراكم نظري يمْكن توظيفه لكشف بنية الذاكرة المعجمية ومختلف العمليات السيكولوجية التي تشتغل أثناء فهم اللغة وإنتاجها. وبالرغم من عدم تطور نماذج جديدة للمعجم الذهني تطوّرا كيفيّاً، بسبب ارتباط جل مقاربات هذا الميدان بالنظريات الإعلامية وبالتطور التقني للحواسيب، وفي غياب ثورة جذريّة في هذا المجال، تظل النماذج على حالها منذ نشأتها مع Quillian (1962، 1967)، وبقيت في حدود تطوير هذه المسألة أو تلك حسب ُمستجدّات الدراسات النظرية حول الذاكرة، وحسب التطور الذي يعرفه حقل الإعلاميات. لكن اقتران هذه النماذج بالإعلاميات لم يكن ليشكل خلفية نظرية لها، بل شكل سندها الإمبريقي ومنهجها في تبرير افتراضاتها والتحقق من نتائجها تجريبيا. فالدراسات التي انصبت على البحث في الذاكرة المعجمية، تتمايز حسب خلفيتها النظرية إلى ثلاثة توجهات أساسية: توجه ذو خلفية سيكولوجية ركّز على كيفية النفاذ إلى المعجم؛ وتوجه اتخذ من نظريات الذكاء الاصطناعي خلفيةً له انصب على تنظيم المعارف التقريرية في الذاكرة، وأخيراً توجه خلفيته التصورات الاقترانية. وإذا كان التوجه الأول قد حاول تجاوز هذا النقص بالتركيز على اشتغال النموذج وليس على هندسته، فإن التوجه الثاني قد ركز على المعرفة اللسانية المحضة، ولم يحاول إدخال المعرفة الموسوعية أو المعرفة حول العالم، لتفادي تعقيد شبكاته.
وبالرغم من تمايز منطلقات هذه النماذج وخلفياتها النظرية وتصوراتها للذاكرة المعجمية، فقد أفضت كلها إلى بلورة مجموعة من المفاهيم توضّح طبيعة الذاكرة المعجمية وأساليب اشتغالها أثناء فهم اللغة وإنتاجها. ونركز بالخصوص على مفهومين يعتبران مدخلاً لتحليل المفاهيم السالفة، وموقفاً من الذاكرة المعجمية، وهما مفهوما الحشو والاقتصاد. فإذا كان موقف الاقتصاد في التخزين يرجح إنشاء علاقات جديدة بين المعطيات وتطوير آليات الاشتغال؛ فإن موقف الحشو في المعجم يرجح إعادة تسجيل نفس المعلومة في أماكن مختلفة من الشبكة بالرغم مما يتطلبه ذلك من حيز هام لتسجيل كل التكرارات. وعموما فإن الموقف الأخير موقف ضعيف يصعب الأخذ به، لأن تواجد الكلمة في أماكن مختلفة من المعجم، وبصيغ مختلفة سيفضي إلى اضطراب واضح في البحث عنها.
إن التطور النظري لدراسة الذاكرة قد رافقه تطور منهجي أيضا. فقد عمل السيكولوجيون التجريبيون على مراقبة المثيرات التي يتعرض لها الفرد، وملاحظة الأجوبة لمعرفة ما إذا كان التخزين بالذاكرة قد نجح أم لا. وعلى هذا الأساس، بلوروا فرضيات تتعلق بالسيرورات الذهنية التي تربط المثير باستجابته، باعتمادهم أسلوبَ مقارنة المدخل بالمخرج. وبذلك يكون زمن الاستجابة دليلاً على حجم المسافة بين مفهومين، وهو ما يضفي على هذه الدراسات طابعاً مكانياً في طرحها لهندسة الذاكرة.
وحيث إن الهدف الأساسي من هذه الدراسة هو موضعة أهمية الذاكرة المعجمية لدى الطفل ضمن سيرورات فهم اللغة وإنتاجها واستخلاص أهم تجلياتها في تطوير العملية التعليمية, فإن المقصود بهذه الذاكرة هو ذلك الحيّز من الذاكرة البعيدة المدى الذي تُخزّن فيه اللغة مقرونة بقواعد تدبيرها, وتسمح للطفل بالنّفاذ إليه وتوظيف مضامينه ومعطياته في عمليات فهم اللغة وإنتاجها. لكن ما يميّز الأبحاث في هذا المجال هو انطلاقها من ذاكرة معجمية جاهزة يعتمدها الباحثون لاستخلاص نماذج خاصة بهم. وتجد هذه الملاحظة خلفيتها, حسب تقديرنا, في ارتكاز هذه النماذج على البعد المعلومياتي الذي يعتبِر الحاسوب مُزوَّداً بقاعدة معطيات أو قاعدة معارف.

-------------
يمكن تحميل ملف المقال كاملا انطلاقا من المرفقات أسفله أو من الرابط التالي "Psychologie&Enseignement.pdf" بعد إدخال اسم العضو وكلمة السر بالنسبة للأعضاء المسجلين سابقا، أو التسجيل بالموقع بالنسبة للأعضاء الجدد.

يمكن تحميل الملف أيضا من الأيقونة الموالية:



وشكرا على زيارتكم للموقع












الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf Psychologie&Enseignement.pdf‏ (3.60 ميجابايت, المشاهدات 677)
عرض البوم صور بنعيسى زغبوش   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معرفية, ذاكرة, ذاكرة معجمية, تعليم, سيكولوجيا


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

free counters

الساعة الآن 08:00 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

استضافة و تطوير: شركة صباح هوست للإستضافه