العودة   عـلــم النفـــس المعــــرفـــــي > مواضيع سيكولوجية عامة > السيكولوجيا المعرفية
 
 

السيكولوجيا المعرفية يهتم هذا القسم بخصوصيات السيكولوجيا المعرفية ومجالات اشتغالها

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 04-01-2014, 08:52 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
عثمان شجاع
اللقب:
معرفي جديد

البيانات
التسجيل: Dec 2008
العضوية: 493
المشاركات: 4 [+]
بمعدل : 0.00 يوميا
اخر زياره : [+]
 


التوقيت

الإتصالات
الحالة:
عثمان شجاع غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : السيكولوجيا المعرفية
افتراضي تقدير الذات: تعريفه، مستوياته، مراحله ونظرياته

يعتبر تقدير الذات من أهم المفاهيم وأكثرها انتشارا في الآونة الأخيرة، فمنذ سنوات عديدة والباحثون النفسيون والاجتماعيون مهتمون بدراسة النظريات المرتبطة بالذات،فمفهوم تقدير الذات يمثل ظاهرة سلوكية يفترض أنها قابلة للقياس، وبالتالي فإنه يمكن معالجتها وتناولها بطريقة علمية ويترتب على ذلك أنه يمكن قبول أو رفض أي من جوانبها أو صفاتها، ولقد أصبح مصطلح تقدير الذات Estime de Soi منذ أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات الميلادية، أكثر جوانب الذات انتشارا بين الباحثين، وقد ربطه العديد منهم بالمتغيرات النفسية الأخرى، فتقدير الذات والشعور بها من أهم الخبرات السيكولوجية للإنسان .(الحميدي محمد،2002).
فإذا نظرنا إلى مفهوم تقدير الذات باعتباره مفهوما سيكولوجيا نجد أنه يتضمن العديد من أساليب السلوك فضلا عن ارتباطه بمتغيرات متباينة منها:الاعتماد على الذات، مشاعر الثقة بالنفس، إحساس المرء بكفاءته، تقبل الخبرات الجديدة، والابتعاد عن السلوك العدواني والإدمان وغيرها حيث بين روزنبرغ Rosenberg 1985، وجود ارتباط ذي دلالة إحصائية بين تقدير الذات المنخفض وكل من الحالات الانفعالية السلبية والتهيج والعدوان وضعف الرضى عن الذات والحياة.(محمد قاسم، 2002)
إذا ماهو تعريف تقدير الذات؟ وماهي مستوياته ومراحله؟
ـ مفهوم تقدير الذات:
تعتبر دراسة تقدير الذات من الموضوعات الهامة التي ما تزال تتصدر المراكز الأولى في البحوث النفسية. كما حفل التراث السيكولوجي بدراسات عديدة تناولت تقدير الذات estime de Soi باعتباره مفهوما سيكولوجيا يتضمن العديد من أساليب السلوك. وقد بدأ هذا المصطلح بالظهور في أواخر الخمسينيات، وسرعان ما أخذ مكانته المتميزة بجانب المصطلحات الأخرى التي شملتها نظرية الذات مثل"الذات الواقعية" ومفهوم"الذات المثالية" ومفهوم"تقبل الذات" وأخيرا مفهوم"تقدير الذات"،الذي يشير إلى حسن تقدير المرء لذاته وشعوره بجدارته وكفاءته. وقد بين "باندورا" أن التقويمات الذاتية للفرد Evaluation de Soi لها تأثير بارز في السلوك وأن الفعالية الذاتية Efficacité de Soi يحقق للفرد النتائج و الأهداف المرغوبة ويساعده في بلوغ السلوك التكيفي.(محمد قاسم،2002).
إذن تقدير الذات هو موقف داخلي يقوم على القول أن للفرد قيمة، وأنه متفرد وذو أهمية. فهو معرفتنا لذواتنا وحبنا لها، كما هي بإيجابياتها وسلبياتها(1999، Ass. Canadienne pour santé Montale).
أما "كارل روجرز" k.Rogers فقد اعتبر تقدير الذات حاجة إيجابية ضرورية وأنها هي الحاجة الأساسية للتقبل، والاحترام، والتعاطف والدفء والحب. وأن مشاعر الكفاءة والقابلية للاعتبار تأتي من الناس الآخرين. وأن تقدير الذات ينمو من خلال الاتجاهات الإيجابية الآتية من الآخرين.
كما أن "ريبر" Reber (1985) ، يرى أن تقدير الذات هو الدرجة التي يقيم بها الفرد ذاته.
أما "دوغلاس" Douglas(1994) فيقول أن مصطلح "تقدير"يرادف مصطلحات: اعتبار،احترام، تقييم وتأمين. ويعرف تقدير الذات بأنه مجموعة المعتقدات التي يحملها الفرد عن نفسه والتي تعتبر حقيقية في التعبير عنه، سواء كانت معبرة عن حقيقته فعلا أم غير ذلك.
أما "روزنبرغ" Rosenberg(1978)، فقد عرف تقدير الذات بأنه اتجاهات الفرد الشاملة سلبية كانت أم إيجابية، نحو ذاته. وأخيرا يرى" كوبر سميث" أن تقدير الذات هو حكم الفرد على ذاته من حيث الاستحقاق، والذي يتضح من خلال الاتجاهات التي يتمسك بها ويحافظ عليها نحو هذه الذات .( محمد قاسم، 2002).
إن تقدير الذات في شموليته تقويم عام لقيمة الشخص نفسه، أي درجة تحقيقه لذاته، ويعتبر تقدير الذات في الوقت نفسه ناتج البناء النفسي للفرد وإنتاج النشاط المعرفي والاجتماعي. بالتالي فإن تقدير الذات هو بناء متتالي لا يولد مع الشخص بل يتطور وفق سيرورة دينامية، ومتواصلة، وهو بعد أساسي في بناء الشخصية فهو بمثابة"الوعي بقيمة الأنا" حسب" وليام جيمس 1892".(2000Jendoubi, ).
كما أن كلمة تقدير هي ترجمة للكلمة الفرنسية Estimé المشتقة من فعل estimer، ذو الأصل اللاتيني Oestimare، والتي لها معنى مزدوج وتفيد"تحديد قيمة شيء" و"إعطاء رأي حول شيء" وثمة علاقة بين تقدير الذات ومفاهيم متداولة بكثرة، كالوعي بالذات، الثقة في الذات، توازن الذات... وغيرها من المفاهيم (1999،André et Lelord).
أما بالنسبة لـ Charles H. Cooley (1902)، فتتلخص فكرته في أن تقدير الذات هو نتاج الأحكام الاجتماعية، وكيف يرى الآخر الفرد أي أن تقدير الذات هنا بمثابة المرآة الاجتماعية، ويعني هذا أن نظرة الآخر هي التي تعكس تقدير الفرد لذاته.(2002 Jendoubi).
ويرى بعض الباحثين أن تقدير الذات ليس واحدا متفردا، بل هو مجموع تقديرات الذات في مختلف ميادين الحياة، حيث يمكن أن نجد شخص ذو تقدير ذات جيد في الميدان المهني وتقديرا للذات أضعف في ميادين الحياة العاطفية. إلا أن هذه التقديرات لها علاقة فيما بينها، فالنجاح أو الفشل في ميدان معين، قد يأثر على ميادين أخرى، وقد يعطي هذا النجاح دفعة قوية لتقدير الذات العام.
كما أن تقدير الذات قد يكون ثابتا أو متغيرا وقويا أو ضعيفا ، وذلك حسب الظروف النفسية والاجتماعية التي يعيشها ويصادفها الفرد.(1999،Andre et Lelord).
ـ مكونات تقدير الذات:
إن تقدير الذات هو نتاج تفاعل وتكامل مجموعة من المعايير والمكونات. نجملها في ثلاثة عناصر أساسية وهي : الثقة في الذات، النظرة إلى الذات وحب الذات. حيث أن التوافق و الانسجام بين هذه العناصر يعطي تقديرا جيدا ومتوافقا للذات.
1- حب الذات:
هو أهم عنصر في تقدير الذات. فحب الذات يستلزم تقبيمها دون وضع شروط لهذا الحب. يجب أن نحب ذاتنا رغم أخطائها وحدودها، رغم فشلها وهزيمتها، ذلك أن صوتا داخليا يقول لنا أننا نستحق أن نحب ونحترم ذاتنا، فحب الذات لا يرتبط بالانجاز لأنه غير مشروط وهو عبارة عن درع واقي ضد الأزمات، ودافع قوي لمقاومة الصعاب وإعادة بناء الذات بعد الفشل.
بالتالي فغن حب الذات هو القاعدة الأساسية لتقدير الذات، إلا أنه لابد له من حامل اجتماعي يزكيه.. (André et Lelord , 1999)
2- النظرة إلى الذات:
تعتبر النظرة التي نحملها حول ذاتنا بمثابة الركيزة الثانية في تقدير الذات. فالنظرة الإيجابية حول الذات تعتبر قوة داخلية تدفع بالفرد إلى تحقيق السعادة رغم الصعوبات، وهي نابعة من محيطنا العائلي ومن الأبوين بشكل خاص فهي ذلك المشروع الذي يبنيانه، بالتالي فهي انعكاس لتصورات الأب والأم حول الطفل .(1999، André et Lelord).
3- الثقة في الذات:
وهي ثالث مكون لتقدير الذات وتهم أساسا، أفعالنا وتصرفاتنا. أن تكون واثقا من ذاتك يعني قدرتك على حسن التصرف في المواقف المهمة والحساسة، بخلاف حب الذات وتصور الذات، فإن الثقة في الذات سهلت التعريف يكفي أن نلاحظ التصرفات والأفعال أمام المواقف الجديدة. فهي ناتج كل من حب الذات وتصور الذات وهي المعيار الفعلي لتقدير الذات ولتحسينه وتعديله (1999، André et Lelord).
ـ مفاهيم قريبة من تقدير الذات:
غالبا ما نجد في الأدبيات السيكولوجية مفاهيم تستعمل كمرادفات لمفهوم تقدير الذات ونذكر على سبيل المثال، الوعي بالذات، مفهوم الذات، إدراك الذات، تمثل الذات، صورة الذات. إلا أن هذه المفاهيم هدفها هو تعريف الذات من خلال بنائها السيكولوجي المعقد. وسنعرض لهذه المفاهيم بشكل موجز وكما يلي:
1- الوعي بالذات:
هو مجموعة من السيرورات السيكولوجية التي تسمح لمجموعة من الظواهر، إحساسات ، رغبات، مخاوف...إلخ، أن تنظم داخل مجموعة تدعى "بالأنا" (2002، Jendoubi).
2- إدراك الذات:
ويطلق على مجموعة من المكانيزمات التي تستخدم عند إدراك موضوع ما،سواء كان إدراكا بصريا أو حسيا أو حركيا (2002، Jendoubi).
3- مفهوم الذات:
هو تكوين معرفي منظم ومتعلم للمدركات الشعورية والتصورات والتعميمات الخاصة بالذات، يبلوره الفرد، تعبيرا نفسيا لذاته ( عطا أحمد علي، 2008).
4- الهوية الشخصية:
هي ظاهرة معقدة ومتعددة الأبعاد، ويمكن اعتبارها نظام تمثلات وإحساسات الذات.فهي تبعث بإحساس الفردانية وتميز الشخص واستمرارية الذات، حيث أن هذا النظام غير معطى وغير ثابت لأن الهوية تتطور وتتحول على مدى الحياة (2002،Jendoubi).
5- صورة الذات:
يرى Argyle (1994) أن صورة الذات هي مجموعة الأفكار التي يحملها الفرد حول ذاته وتضم دوره ( المهني، الاجتماعي...) وأوجه تمييزه وشكله الجسمي. هذه الصورة الخاصة تكون خصائص الفرد والتي يتأثر بها بشكل أقل أو أكثر وعيا ويتم استدخالها تدريجيا لتصبح مكونا من مكونات "الأنا"(2002، Jendoubi).
كما يضيف (1979) Codol ( 1959) Rugers، أن صورة الذات قد تكون إيجابية وهي تمثل في هذه الحالة خاصية ومميزة الفرد وقد تكون سلبية وتشكل في هذه الحالة اضطرابا نفسيا.


8 ـ نظريات تقدير الذات:
توجد عدة نظريات تناولت تقدير الذات من حيث نشأته، ونموه وأثره على سلوك الفرد بشكل عام وتختلف تلك النظريات باتجاهات صاحبها ومنهجه في إثبات المتغير الذي يقوم على دراسته، وهذه النظريات:
1- نظرية "وليان جيمس":
يعتبر وليام جيمس (1910- 1824)، واحد من المؤسسين للسيكولوجيا العلمية الحديثة. وهو من الأوائل ممن اشتغلوا على مفهوم تقدير الذات واعتبر أن الشخص ذو المؤهلات الجد المحدودة، يمكن أن يكون له موهبة كافية ومتينة مقارنة مع شخص آخر والتي تضمن له النجاح في الحياة و يتمتع هذا الشخص بتقدير كوني يصل إلى الحد المزمن من قدراته الخاصة.
إن تحقيق الذات وتحقير الذات حسب "و. جيمس" لا يتعلق فقط بنجاحاتنا ولكن أيضا بمعيار أحكامنا على هذه النجاحات.
يرى" و.جيمس" أن تقدير الذات هو ناتج العلاقة بين نجاحاتها وإنجازاتها وما نطمح له في مختلف ميادين الحياة، بعبارة أخرى فإن نظرية" وليم جيمس" في تقدير الذات تقوم على العلاقة الموجودة بين ما نحن عليه، وما نود أن تكون عليه، وقد لخصها وليام بالمعادلة التالية:

تقدير الذات = النجاح
(1999، André et Lelord)
الطموح

2- نظرية "روزنبرغ" :
تدور أعمال روزنبرغ حول محاولة دراسة نمو وارتقاء سلوك تقييم الفرد لذاته، وذلك من خلال المعايير السائدة في الوسط الاجتماعي المحيط به. وقد اهتم بصفة عامة بتقييم المراهقين لذواتهم، وأوضح أنه عندما نتحدث عن التقدير المرتفع للذات فنحن نعني أن الفرد يحترم ذاته ويقيمها بشكل مرتفع، بينما تقدير الذات المنخفض أو المتدني يعني رفض الذات أو عدم الرضى عنها. لذا نجد أن أعمال روزنبرج قد دارت حول دراسة نمو وارتقاء سلوك تقييم الفرد لذاته وسلوكه من زاوية المعايير السائدة في الوسط الاجتماعي المحيط بالفرد، وبشكل خاص دور الأسرة في تقدير الفرد لذاته.
وعمل روزنبرغ على توضيح العلاقة بين تقدير الذات الذي يتكون في إطار الأسرة، وأساليب السلوك الاجتماعي للفرد مستقبلا ( الحميدي محمد ضيدان، 2002).
واعتبر أن تقدير الذات مفهوما يعكس اتجاه الفرد نحو نفسه. وطرح فكرة أن الفرد يكون اتجاها نحو كل الموضوعات التي يتعامل معها وما الذات إلا أحد هذه الموضوعات، ويكون الفرد نحوها إتجاها لا يختلف كثير عن الاتجاهات التي يكونها نحو الموضوعات الأخرى. ولكنه فيما بعد عاد واعترف بان اتجاه الفرد نحو ذاته يختلف ولو من الناحية الكمية، عن اتجاهاته نحو الموضوعات الأخرى ( عطا أحمد علي، 2008).
وهكذا يؤكد روزنبرغ على أن تقدير الذات هو" التقييم الذي يقوم به الفرد و يحتفظ به عادة لنفسه" وهو يعبر عن اتجاه الاستحسان أو الرفض (الحميدي محمد ضيدان،2002).
3- نظرية "كوبرسميث":
درس" كوبر سميث" تقدير الذات عند أطفال ما قبل المدرسة، ويرى أن تقدير الذات يتضمن كلا من عمليات تقييم الذات وردود الأفعال والاستجابات الدفاعية. وعلى عكس روزنبرغ لم يحاول كوبرسميث أن يربط أعماله في تقدير الذات بنظرية أكبر وأكثر شمولا ، ولكنه ذهب إلى أن تقدير الذات مفهوم متعدد الجوانب...
ويقسم كوبر سميت تعبير الفرد عن تقديره لذاته إلى قسمين:
ـ التعبير الذاتي وهو إدراك الفرد لذاته ووصفه لها.
ـ التعبير السلوكي وهو يشير إلى الأساليب السلوكية التي تفصح عن تقدير الفرد لذاته، التي تكون متاحة للملاحظة الخارجية.
ويميز كوبر سميت بين نوعين من تقدير الذات: تقدير الذات الحقيقي، ويوجد عند الأفراد الذين يشعرون بالفعل أنهم ذوي قيمة. وتقدير الذات الدفاعي ويوجد عند الأفراد الذين يشعرون أنهم غير ذوي قيمة، وقد افترض في سبيل ذلك أربع مجموعات من المتغيرات تعمل كمحددات لتقدير الذات وهي: النجاحات، القيم، الطموحات والدفاعات، وقد بين أن هناك ثلاثة من حالات الرعاية الوالدية تبدو له مرتبطة بنمو المستويات الأعلى من تقدير الذات وهي: تقبل الطفل من جانب الآباء، وتدعيم سلوك الأطفال الإيجابي من جانب الآباء، واحترام مبادرة الأطفال وحريتهم في التعبير من جانب الآباء .( الحميدي محمد ضيدان،2002).
4- نظرية" زيلر":
تفترض نظرية" زيلر" أن تقدير الذات ينشأ ويتطور بلغة الواقع الاجتماعي. أي ينشأ داخل الإطار الاجتماعي للمحيط الذي يعيش فيه الفرد، لدى ينظر" زيلر" إلى تقدير الذات من زاوية نظرية المجال للشخصية.(عطا أحمد علي،2008). ويؤكد أن تقييم الذات لا يحدث ـ في معظم الحالات ـ إلا في الإطار المرجعي الاجتماعي. ويصف زيلر تقدير الذات بأنه تقدير يقوم به الفرد لذاته ويلعب دور المتغير الوسيط أو أنه يشغل المنطقة المتوسطة بين الذات والعالم الواقعي. وعليه فعندما تحدث تغييرات في بيئة الشخص الاجتماعية فإن تقدير الذات هو العامل الذي يحدد نوعية التغيرات التي ستحدث في تقييم الفرد لذاته تبعا لذلك. وتقدير الذات ـ طبقا لزيلر ـ مفهوم يربط بين تكامل الشخصية من ناحية وقدرة الفرد على أن يستجيب لمختلف المثيرات التي يتعرض لها من ناحية أخرى ولذلك فإن افتراض أن الشخصية التي تتمتع بدرجة عالية من التكامل، تحظى بدرجة عالية من تقدير الذات، وهذا يساعدها في أن تؤدي وظائفها بدرجة عالية من الكفاءة في الوسط الاجتماعي الذي توجد فيه. وقد ساهم زيلر بهذا في اغناء وبناء مفهوم " تقدير الذات الاجتماعي".(الحميدي محمد ضيدان، 2002).
ـ مستويات تقدير الذات:
تتأرجح مستويات تقدير الذات بين المرتفع والمنخفض والمتوسط ولكل مستوى من هذه المستويات مميزات وخصال خاصة به نذكرها على النحو التالي:

1- تقدير الذات المرتفع:
يرى" بروزنبرغ"1985" أن تقدير الذات المرتفع هو دليل تقبل، وتسامح والرضى الشخصي في مراعاة الذات مع استثناء إحساس التعالي والكمال، إضافة إلى أن تقدير الذات المرتفع يستلزم احترام الذات، ويشير" روزنبرغ" إلى نوعين من الاحترام: احترام مطلق وغير مشروط ويقوم على احترام الفرد لذاته لأنه إنسان، دون الأخذ بعين الاعتبار مميزات الفرد وإنجازاته والاحترام المشروط والذي يستوجب التوافق بين المعايير الشخصية للكفاءة والأخلاق والتميز وإحساسات الاكتمال والانجاز. وفي رأيه أن غياب الاحترام المشروط هو الذي يميز لنا تقدير الذات المنخفض مقارنة مع تقدير الذات المرتفع. (1990، Vallieres et Vallerand).
بصفة عامة، فإن الأشخاص الذين يحصلون على درجات مرتفعة في تقدير الذات لديهم قدر كبير من الثقة في ذواتهم وقدراتهم، ويعتقدون في أنفسهم الجدارة والفائدة، وأنهم محبوبون من قبل الآخرين. (دينا حسين إمام،2008).
إن الأفراد ذوي التقدير المرتفع للذات يكونون واثقين أكثر من أنفسهم ومن أفعالهم ولهم ثقة عالية في قراراتهم واختياراتهم، كما أنهم أقل تأثرا بالنظرة الاجتماعية حيث نجدهم لا يولون أهمية للانتقادات الموجهة لهم، أو بالأحرى أقل تأثرا بها عكس أصحاب التقدير المنخفض للذات، كما نجدهم اسرع وأكثر تلقائية في الإجابة على الأسئلة التي تتعلق بذواتهم من الأفراد ذوي التقدير المنخفض للذات، ورغم الصعاب وموجات الفشل التي يتعرض لها أصحاب التقدير المرتفع للذات، نجدهم يستطيعون المقاومة ونسيان المحن والنهوض من جديد، ذلك لأنهم يقومون بمراقبة انفعالاتهم وتوجيهها إلى طريق النجاح والإيجابية (1999، André et Lelord).
ويرى" أنس شكشك.(2007) أن الشخص الذي يمتاز بتقدير ذات إيجابي يمتاز بالقدرة على التوفيق بين مشاعره الداخلية، وسلوكه الظاهري، كما أن لديه القدرة على إبداء ما لديه من آراء ورغبات بشكل واضح، كما يتصف بالقدرة على الاتصال والتواصل مع الآخرين، ويتسم كذلك هذا الشخص بالاستقلالية ويفخر بإنجازاته وهو قادر على تحمل المسؤولية- ويتفق معه في هذا الرأي الباحثان السابقان - ويقبل بحماسة التحديات الجديدة ويشعر بأنه قادر على التأثير بالآخرين ويعبر عن مدى واسع من الانفعالات (أنس شكشك،2007).
2- تقدير الذات المنخفض:
الفرد الذي يكون لديه تقدير الذات منخفض لا يكون دائما مقنعا ويصبح متناقظ في أفكاره وكلامه ويكون إنهزاميا، وعكس الإنسان العادي يكون أقل ارتباطا وتواصلا مع الآخرين. فهو يميل إلى الانزواء على الذات، كما نجده شديد التأثر باحكام الآخرين أي له حساسية مفرطة اتجاه النظرة الاجتماعية حيث يؤثر فيه الانتقاد بشكل كبير. ونجد أصحاب هذه الفئة أكثر حيادا خاصة حينما يتعلق الأمر بالحديث حول ذواتهم، فهم يتميزون بكثرة الشك وعدم الثقة في معارفهم حول ذواتهم وفي كفاءاتهم.
والشخص ذو التقدير المنخفض للذات يكون غير قادر على الاختيار و اتخاذ القرار،وغالبا ما يؤجله خوفا من المواجهة. كما نجده أكثر تشبثا بالانفعالات السلبية كالفشل والشك وضعف الثقة فهو لا يستطيع الخروج من الأحاسيس السلبية إلى الأحاسيس الإيجابية.(1999، André et Lelord).
ويقول "وليام فتس" يميل أولئك الذين يرون أنفسهم أنهم غير مرغوبين أو سيئين ولا قيمة لهم، إلى أن يسلكوا وفق هذه الصورة التي يرون أنفسهم عليها، كما يميل أصحاب المفهوم غير الواقعي عن أنفسهم إلى التعامل مع الحياة والناس بأساليب غير واقعية، كما يتكون لديهم مفهوم منحرف أو شاذ عن أنفسهم وبالتالي يدفعهم إلى أن يسلكوا أساليب منحرفة وشاذة، وعلى ذلك تعد المعلومات الخاصة بكيفية إدراك الفرد لذاته مهمة. إذا حاولنا القيام بدور في مساعدة هذا الفرد أو محاولة الوصول إلى تقويمه". ( أنس شكشك،2007 :14).
كما أن تقدير الذات المنخفض أو مفهوم الذات السلبي، كما يصطلح عليه البعض يظهر عند الأفراد الذين يعانون من مشاكل نفسية كاضطراب الشخصية واضطراب الاكتئاب وسوء التوافق الاجتماعي، وتظهر كذلك صعوبات واضحة في العلاقات التفاعلية مع أفراد أسرهم. (سعاد عبد الله، 2009).
كما تكشف الدراسات عادة عن ميل الأفراد ذوي التقدير السلبي للذات إلى الخجل والانطواء وتجنب الاشتراك في الحياة الاجتماعية .( دينا حسين،2008).
3- تقدير الذات المتوسط:
يذكر" كوبر سميت" أن تقدير الذات المتوسط يقع بين المستويين المرتفع والمنخفض بكل ما يختص بهما من خصائص وسمات(دينا حسين، 2008)، يمكن القول أن تقدير الذات المتوسط هو تلك القيمة التي تتوسط مقياس تقدير الذات وهو كل تقدير فوق المنخفض ولم يصل بعد للمرتفع وينطبق هذا القياس على كل الخصال والمميزات التي سبق ذكرها في المستويين السابقين.
ويمكن تلخيص هذه المميزات في الجدول التالي:
جدول مميزات انخفاض وارتفاع مستوى تقدير الذات.
انخفاض تقدير الذات ارتفاع تقدير الذات
ـ الخوف من الفشل. ـ الرغبة في النجاح.
ـ التردد وعدم المجازفة. ـ المبادرة والمغامرة.
ـ صعوبة في اتخاذ القرارات. ـ سهولة في اتخاذ القرارات وعدم إعطاء الأشياء أكثر
من حجمها.
ـ الإحساس بالخوف من النتائج. ـ الثقة الزائدة بالنفس واللامبالاة.
ـ الاهتمام برأي الآخرين. ـ ردود فعل سريعة وفعالة.
ـ الاستسلام سريعا، في حالة وجود صعوبات. ـ امتلاك الإرادة وتحمل المسؤولية الذاتية في
اتخاذ القرارات.
ـ تنفيذ القرارات الصادرة من الوسط. دفع الأشياء إلى أقصاها
ـ عدم التقدم في حالة تحقيق الهدف.

ـ مراحل تكون تقدير الذات:
يبدأ تقدير الذات عند الفرد منذ الطفولة المبكرة مع ظهور مفهوم الذات لديه وبداية الوعي بها، ويأخذ بناء تقدير الذات شكل سيرورة متصلة تأثر فيها مجموعة من العوامل عبر مراحل عمرية مختلفة تبدأ بالطفولة وتمر بالمراهقة وصولا إلى سن الرشد. إذن ما هو تقدير الذات عند هذه الفئات العمرية؟
1- تقدير الذات عند الطفل:
يبدأ تقدير الذات عند الطفل مع بداية ظهور مفهوم الذات،الذي هو المكون الأساسي لتقدير الذات كما سبق وأرينا. ويبدأ تقريبا في حدود السنة الثامنة حيث يبدأ الطفل في تكوين تمثلات سيكولوجية عامة حول نفسه، هنا يصبح الطفل قادرا على تعريف نفسه من خلال مختلف المميزات ووصف حالته الانفعالية حيث يشكل النظر لهذا الفرد ـ الطفل ـ الذي أصبح شيئا فشيئا يعي به، أساس تقديره لذاته في المستقبل.(1999، André et Lelord).
هناك ملاحظات وأبحاث حول تقدير الذات المبكر والذي يتموضع قبل الثمان سنوات إلا أنها صعبة التقييم العلمي، كما أن الوالدين يلعبان دورا مهما جدا في بناء تقدير الذات عند الطفل وذلك كما يلي:
ـ يحاول الطفل إرضاء أمه وأبيه بإصدار بعض الأفعال المثيرة للانتباه ويلاحظ ردود أفعالهما، حيث كلما كانت هذه الردود إيجابية(فرح ، كلمات شكر، تقدير، تشجيع...) كلما أعاد الطفل نفس التصرف فهو يفخر بسلوكه وبالتالي دعم وتقوية تقديره لذاته الذي يلعب الوالدين دورا أساسيا فيه. (1999، André et Lelord).
ـ يحاول الطفل النجاح في مجموعة من التصرفات والسلوكات، والتي تختلف حسب الأهمية، فالنجاح داخل المنزل يختلف عن النجاح خارج المنزل ، كما أن الانتصار في ألعاب تنافسية يكون له وقع خاص عند الطفل وفي تقديره لذاته.
ـ يحاول الطفل في سن الثالثة أو الرابعة احتلال مكانة اجتماعية خاصة داخل محيطه الأسري ومع أقرانه ولهذه المكانة صلة وثيقة بتقدير الطفل لذاته.
ـ يحاول الطفل التباهي أمام الآخر وتبدأ هذه العملية في سن مبكرة وذلك في سن السادسة والثامنة ، وذلك بمقارنة الآباء (أنا أمي جميلة،أبي طيب،...) كما أنه يبدأ بإنساب نفسه لأحد المشاهير، وذلك بين سن الثامنة والثانية عشر، وهذا التصرف قد يؤدي إلى مجموعة من الاضطرابات النفسية كالخجل وهوس الكذب وغيرها من الاضطرابات. (1999، André et Lelord).

وقد أوضح "بوني ستريكلان" Stricland ، أن تقدير الذات يتأثر لدى الطفل باتجاهات والديه، حيث أن سلوك الوالدين المشجع والمدعم المتضمن الاتجاهات الإيجابية هي عوامل حيوية مؤثرة في تطور تقدير الذات في الطفولة المبكرة. ولاحقا تأتي خبرات الطفل خارج المنزل في المدرسة ومع الأقران لتكون أكثر أهمية في تحديد تقديره لذاته، حيث أن المدرسة تنمي تقدير الذات لدى الطفل بالمسابقات وتشجيع المواهب، أما تقبل جماعة الأقران للطفل فيلعب دورا هاما في نمو تقديره لذاته .(دينا حسين، 2008).
يمكن القول أن تقدير الذات يمثل نتاجا اجتماعيا يتشكل ويتبلور منذ الطفولة من خلال محددات معينة، يكتسب الفرد من خلالها بصورة تدريجية فكرته عن نفسه وتقديره لها.
2- تقدير الذات عند المراهق:
عندما يصل الطفل إلى مرحلة المراهقة تتدخل عوامل أخرى في تقديره لذاته وتشمل التغيرات الفزيولوجية والعاطفية كما تتدخل علاقته مع الجنس الآخر في الإحساس بالأمان والثقة بالذات .(دينا حسين، 2008).
رغم هذا، يبقى المراهق جد مرتبط من الناحية الانفعالية بالوالدين، وتقديره لذاته في هذه المرحلة يكون نابعا من الصورة التي يعكسها الوالدين إتجاهه، وتشكل الانتقادات الموجهة إلى المراهق من طرف الوالدين تهديدا مباشرا لتقديره لذاته الشيء الذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى الانتحار. (1999، André et Lelord).
أظهرت مجموعة من الأبحاث أن تقدير الذات عند المراهقين الذكور يكون مرتفعا نسبة إلى المراهقات الإناث، وذلك بين سن 14 و23 سنة، ودراسات أخرى تظهر أنه ابتداءا من سن معينة ـ حوالي 8 سنوات ـ أن تقدير الذات للإناث ينهار مقارنة بالذكور الذين يبقى تقديرهم لدواتهم ثابتا، حيث لا يفسر هذا الانخفاظ بالتغيرات الجسمية التي تطرأ على المراهق وإنما بنظرة هؤلاء لأنفسهم، وتكون هذه النظرة مرتبطة بشكل كبير بضغوطات المحيط الاجتماعي. (1999، André et Lelord).
عموما يصبح تقدير الذات حاجة ضرورية وملحة عند المراهق، خصوصا مع التغيرات الفيزيولوجية المستمرة ، وما يرافقها من تغيرات سلوكية وانفعالية ويظهر ذلك في علاقته مع المرأة، حيث يلاحظ المراهق والمراهقة التغيرات الجسدية والفيزيولوجية حيث يصبح الوجه المنطقة التي تخضع للمراقبة، أما في علاقته مع الآخر فهي تتمثل في بداية الحياة العاطفية للمراهق بحيث يبحث كل طرف عن استمالة الطرف الآخر وكسب حبه وتقديره، إما باللباس وتغيير المظهر الخارجي أو بالأفعال والأداء الجيد.(اسماعيل علوي، 2009).
3- تقدير الذات عند الراشد:
إن تقدير الذات عند الراشد ليس حالة مستقلة وليدة المرحلة ، ولكن هو ناتج بناء مستمر تبدأ منذ الطفولة المبكرة، ففي كثير من الحالات ولفهم تقدير الذات عند الراشد لابد من الغوص في الطفولة التي أحدثته، إلا أنه بالنسبة للراشد فرغم البداية المتعثرة لتقدير الذات في الطفولة فهو ينجح في بناء تقدير ذات أكثر صلابة مما يجعله أكثر مقاومة للصعاب (1999، André et Lelord).
إن تقدير الذات هو نتاج لتلك الصورة التي يكونها الفرد عن ذاته وذلك من خلال العلاقة التي يرتبط بها الفرد بالمجتمع الذي يعيش فيه، حيث يكتسب الفرد من خلال تفاعلاته مع الجماعة، الكثير من الخبرات المتنوعة والمتعددة التي يكتسبها منذ الطفولة، وفي نمو علاقته مع الجماعة ومن خلال نمط التفاعل والإحتكاك يبدأ الفرد في تكوين صورة عن ذاته، وباكتمال هذه الصورة يكون مستوى تقدير الفرد لذاته من حيث مدى ارتفاع أو انخفاظ هذا التقدير (دينا حسين، 2008).
وقد أشار "كوبر سميت" إلى أربع عناصر تلعب دورا في نمو تقدير الذات عند الفرد ـ الراشد ـ وهي:
1 ـ مقدار الاحترام والتقبل والمعاملة التي تتسم بالاهتمام التي يحصل عليها الفرد من قبل الآخرين المهمين في حياته.
2 ـ تاريخ نجاح الفرد والمناصب التي تمثلها في العالم (يقاس النجاح بالناحية المادية ومؤشرات التقبل الاجتماعي).
3 ـ مدى تحقيق طموحات الفرد في الجوانب التي يعتبرها هامة. مع العلم أن النجاح والنفوذ لا يدرك مباشرة ولكنه يدرك من خلال مصفاة في ضوء الأهداف الخاصة والقيم الشخصية.
4 ـ كيفية تفاعل الفرد مع المواقف التي يتعرض فيها للتقليل من قيمته. فبعض الأشخاص قد يخففون ويحورون ويكبتون تماما أي تصرفات تشير إلى التقليل من قيمتهم من قبل الآخرين أو نتيجة فشلهم السابق، حيث تخفف القدرة على الدفاع عن تقدير الذات من شعور الفرد بالقلق، وتساعده على الحفاظ على توازنه الشخصي.( الحميد محمد، 2002).

العوامل المؤثرة في تقدير الذات وتأثيراته النفسية:
1 ـ العوامل المؤثرة في تقدير الذات:
أشار معظم العلماء والباحثين إلى أن العوامل المؤثرة في تقدير الذات يمكن أن تتمثل في عدة عوامل تتعلق بالفرد نفسه أو البيئة المحيطة به وتشمل:
ـ العوامل الشخصية : تتعلق بالفرد نفسه.
ـ العوامل البيئية : تتعلق بالبيئة الخارجية والمجتمع.
1-1-العوامل الشخصية:
وتشمل هذه العوامل ما يلي:
ـ صورة الفرد عن ذاته:
حيث تؤدي صورة الذات دورا هاما في سلوك الفرد، حيث تتضمن صورة الذات دائما الخصائص والصفات والإمكانيات التي تميز شخصية الفرد، كما أنها تعكس له آراء الآخرين عنه، حيث يكون لها غالبا الشكل الاجتماعي.(دينا حسين،2008).
ـ الخصائص الجسمية:
تؤدي الخصائص الجسمية دورا كبيرا في تحديد صورة الفرد عن ذاته ومفهومه عنها، ويبدأ اهتمام الفرد بجسمه منذ الطفولة المبكرة ، حينما يجد الطفل في هذه المرحلة صعوبة في التوحد مع جسمه، ولذلك يحاول الطفل أن يكتشف أجزاء جسمه كلها، وحينما يصل إلى سن الخامسة يقارن نفسه بغيره من الأطفال حتى يصل إلى مرحلة المراهقة، وعلى ذلك فصورة الجسم تتأثر بالخصائص الموضوعية التي تعتمد على معايير اجتماعية مثل رأي الآخرين من المقربين والتقييم الدائم بين الحسن والرديء، مما يشكل جانبا أساسيا في مدى تقدير الفرد لذاته (دينا حسين، 2008).
يلعب الجسد دورا مهما للغاية في تقدير الفرد لذاته سواء كان ذكرا أو أنثى فهو يطمح إلى المظهر الجيد والحسن سواء على مستوى القوام ـ سمين أو رشيق ـ أو على مستوى اللباس ، وكذا على مستوى الجمال، هذا الأخير الذي يشكل بدوره عاملا في تقدير الفرد لذاته وتكون الأحكام المتعلقة بالجسد نابعة من علاقة الفرد بالمرأة التي تعكس له خصائصه الجسمية وأيضا من علاقته بالمحيط الاجتماعي من أسرة وأصدقاء وأقران (1999، André et Lelord).

ـ القدرات العقلية للفرد:
إن ذكاء الفرد وسماته الشخصية والمرحلة العمرية والتعليمية التي مر بها،الفرد تؤثر على تقديره لذاته، فالقدرة العقلية تؤدي دورا هاما في التأثير على تصور الفرد الذاتي. وبالتالي تقديره لها .(دينا حسين، 2008).
ويدخل في هذا الإطار دور المدرسة وعلاقتها بتقدير الذات.
ـ المدرسة وتقدير الذات:
المدرسة باعتبارها المجال أو المكن الذي يتم فيه قياس وتقويم قدرات الفرد وكفاءاته، تعتبر أهم الوسائل التي تتيح لنا اختبار مدى حضور أو غياب تقدير الذات لدى التلميذ، ودرجة قوته أو ضعفه ومستويات تأثيره السلبي أو الإيجابي (اسماعيل علوي، 2009).
وقد أظهرت مجموعة من الأبحاث والدراسات حول تأثير مختلف العوامل المتعلقة بالمدرسة على تقدير الذات أن العلاقة التي تجمع بين تقدير الذات والمدرسة جد معقدة بحيث أن تقدير الذات المدرسي ليس مجرد تقويم بسيط من طرف الطفل لكفاءاته أو شعبيته في المدرسة، وليس مجرد عكس نظرة الآخر على الحياة المدرسية للتلميذ، كما أنه ليس مجرد علامة استثمارية المدرسية، بل هو كل ذلك، كما أن السلوكات التي يتعلمها الطفل في المدرسة تطال الأسرة والمجتمع ليصبح تقدير الذات المدرسي مؤثرا في مجموعة من المجالات الاجتماعية.( Jendoudi ، 2002).
هكذا يرى (1999، André et Lelord) أنه كلما كان تقدير الذات للتلميذ مرتفعا كلما كان متفوقا دراسيا، وكان أكثر اندماجا في محيطه الأسري، كما أنه يكون مهيئا لتخطي الصعوبات الدراسية، وكلما كان تقدير الذات منخفظا كلما كان التلميذ أكثر إنهزامية وسهل الارتباط بحالات الفشل والضعف.
كما أن الوسط المدرسي ذو الطابع التنافسي يساهم في رفع تقدير الذات عند التلاميذ المؤهلين لذلك، أما الوسط غير المتنافسي فهو على عكس الأول يساهم في تحسين تقدير الذات عند التلاميذ ذوي تقدير الذات المنخفض لأنه لا يهدد وضعهم ومكانتهم الاجتماعية داخل المدرسة أو داخل القسم. (1999، André et lelord).
إذن تلعب المدرسة دورا كبيرا في تقدير الطفل لذاته فهي تحتل المرتبة الثانية بعد البيت بالنسبة للعديد من الأطفال في تأثيرها على تكوين تصور الطفل عن نفسه، وتكوين اتجاهات نحو قبول ذاته أو رفضها، كما أن نمط المدرسة والنظام المدرسي والعلاقة بين المعلم والتلميذ هي عوامل تؤثر كلها في تقدير الطفل لذاته، خاصة المعلم الذي له تأثير كبير على مستوى مفهوم الطفل عن نفسه إذ باستطاعته أن يخفض من هذا المستوى أو يرفع منه، ويؤثر بذلك في مستوى طموحات الطفل وأدائه (الحميدي محمد، 2002).
1-2- العوامل البيئية:
تجدر الإشارة إلى أن العوامل البيئية تتعدد وتختلف في درجة تأثيرها على مفهوم تقدير الذات للفرد، وفيما يلي عرض لأهم هذه العوامل:
ـ العامل الأسري:
الأسرة تعد هي النسق الاجتماعي الرئيسي بالمجتمع حيث يتفاعل في إطاره الوالدان مع الأبناء لتشكيل الشخصية السوية اجتماعيا ونفسيا، وكلما زادت قدرة الأسرة على رعاية الأبناء وتوجيههم وتنشئتهم دون أن يشعروا بالحرمان أو الضغط أو القسوة أو التساهل، كلما كان الطفل سويا قادرا على تحمل مسؤولياته في إطار احترامه لذاته ولذوات الآخرين. لكن عندما تختل عملية التنشئة الاجتماعية وتتصارع الأدوار وتهتز المكانات يؤدي ذلك كله إلى خلق شخصيات بعيدة عن السواء وبالتالي تقديرا ضعيفا للذات ( دينا حسين، 2008).
ويرى Demi (1987)، أن الأسرة هي البيئة الهامة لنشأة ونمو تقدير الذات للفرد، فقد توصلت العديد من الدراسات إلى أن الدعم الوالدي ومنح الاستقلال والحرية للأبناء مرتبط بطريقة إيجابية بالتقدير المرتفع للذات لدى الأبناء، فعندما يثق الأب والأم بالابن ويعتبرانه شخصا مسؤولا فإن هذا يزيد من تقديره لذاته.(الحميدي محمد، 2002).
ـ الدور الاجتماعي للفرد:
يعتبر تصور الفرد لذاته من خلال الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها من العوامل الهامة التي تساهم في مستوى تقديره لذاته.
إن تصور الذات من خلال الأدوار الاجتماعية ينمو مع نمو الذات، ويؤكد علماء النفس أن التفاعل الاجتماعي السليم والعلاقات والتفاعلات الاجتماعية الناجحة تعزز الفكرة السليمة الجدية عن الذات،وأن مفهوم الذات الموجب يعزز نجاح التفاعل الاجتماعي بل ويزيد العلاقات الاجتماعية نجاحا .(دينا حسين، 2008).
2 ـ التأثيرات النفسية لتقدير الذات:
أكدت دراسات عديدة الأهمية الإكلينيكية لمفهوم الذات، الذي تتضح مدى سلبيته لدى الأفراد الذين يعانون من مشكلات نفسية، إلا أن مفهوم الذات السلبي عند البعض لا يعد في حد ذاته اضطرابا نفسيا إلا أنه يعد سببا أو نتيجة لاضطرابات متعددة كاضطرابات الشخصية واضطراب الاكتئاب، ولوحظ انعكاس مفهوم الذات السلبي المصحوب بالاكتئاب لدى بعض الأفراد، الذين يعانون من سوء التوافق النفسي الاجتماعي من خلال التلميح بالانتحار، أو القيام ببعض السلوكات المؤذية التي قد تسبب الموت، فالسلوك الانتحاري هو أكبر مؤشر على وجود قيمة منخفضة للذات، ووجود سوء توافق نفسي اجتماعي .( سعاد عبد الله، 2009).
ومن جهة أخرى بين "روزنبرج" (1985)، وجود ارتباط ذي دلالة إحصائية بين تقدير الذات المنخفض، وكل من الحالات الانفعالية السلبية والتهيج والعدوان وضعف الرضى عن الذات والحياة ( محمد قاسم، 2002).
هناك إذن، العديد من الاضطرابات النفسية والتي تكون مرتبطة أساسا بمشاكل تقدير الذات كالعقد النفسية التي تكون مرتبطة بأصل تكون تقدير الذات، والاكتئاب الذي له علاقة بصيانة وتحسين تقدير الذات، وكذا الادمان خاصة على الخمور الذي يكون لتقدير الذات فيه دورا كبيرا حيث يلجأ إليه المدمن لمواجهة حالة الخجل من مواجهة الأحكام الاجتماعية.(1999، André et Lelord).
2-1- تقدير الذات والاكتئاب:
الاكتئابي هو اضطراب نفسي يمكن أن يصيب أي فرد، إلا أن الأشخاص ذوي تقدير الذات المنخفض والذين تكون حالتهم النفسية باستمرار سلبية يكونون عرضة بشكل أكبر للاكتئاب بخلاف الأفراد ذوي التقدير المرتفع للذات والذين يعملون بشكل دائم على صيانة وتحسين صورتهم لذواتهم، حيث يعتبر تقدير الذات، المنخفض السمة المشتركة بين كل أنواع الاكتئاب، فقد أظهرت بعض الدراسات أن النساء الحوامل يكن أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب،كلما كان تقديرهن لذواتهن ضعيف. (1999، André et Lelord).
ويكون المصاب بالاكتئاب أكثر حساسية للخطاب الاجتماعي، ويركز على النقاط السلبية ويفكر دائما في الانفعالات السلبية، مما يؤدي إلى انعزاله وتشاؤمه وخموله وهي كلها أعراض تدل على تقدير الذات المنخفض، والملاحظ أن هناك علاقة تناسبية بين تقدير الذات والاكتئاب، فكلما كان تقدير الذات منخفظ وضعيف كان الاكتئاب أكثر حدة وخطورة، بل أكثر من هذا يمكن للاكتئاب أن يمرر من طرف الآباء المصابين به إلى أطفالهم، وذلك عبر توجيه الانتقادات الحارة وإرسال خطابات تشاؤمية تؤدي إلى انخفاض تقدير الذات عند الطفل، وبالتالي احتمال إصابته بالاكتئاب (1999، André et Lelord).
هكذا نجد أن "باركر"(1980)، يؤكد على العلاقة بين تقدير الذات والاكتئاب، فيرى أن الانخفاض في تقدير الذات ربما يعتبر السمة الأساسية أو العلامة المميزة لخبرة الاكتئاب. ويرى كذلك أن الأفراد الذين لديهم تقدير منخفض للذات يكونون أكثر قابلية للاكتئاب. كذلك وجد "رينولدز" (1986)، أن تقدير الذات هو عبارة عن تكوين يرتبط بالاكتئاب، وأشار إلى أن مفهوم الذات يعتبر أحد المتغيرات الوجدانية المرتبطة بالاكتئاب، وأنه يمكن النظر إلى مفهوم الفرد عن ذاته، مثله في ذلك مثل الاكتئاب، كأحد مكونات الحالة التي تكون عليها صحة الفرد النفسية. ( غريب عبد الفتاح، 1995).
2-2- تقدير الذات والقلق الاجتماعي:
أكدت دراسة "Zocolillo" (1992)، أهمية القلق كمتغير له أثر سلبي على تقدير الذات،فكلما ارتفع القلق نقص تقدير الفرد لذاته، وأوضحت دراسات كل من "Myers" (2000) و"Greshma"(1998)، أن القلق يرتبط بتقدير الذات، فالأفراد القلقين لابد وأنهم يعانون من تقدير ذات سلبي، ومن ثم لديهم الاستعدادات السلوكية لعدم التوافق ، أما الأفراد الذين لديهم تقدير ذات إيجابي فتنمو لديهم الاستعدادات السلوكية للتوافق، ومن تم فهم يتمتعون بتقدير ذات مرتفع. فالعلاقة بين تقدير الذات والقلق الاجتماعي علاقة عكسية، يعني أنه كلما ارتفع القلق إلى الحد الذي يدرك فيه الفرد تهديدا لذاته انخفض تقدير الذات، وكلما انخفض القلق إلى المستوى الطبيعي زاد تقدير الفرد لذاته. (وحيد مصطفى،2003).
ويرى "روجرز" أن القابلية للقلق إنما تحدث عندما يكون هناك تعارض بين ما يعيشه الكائن العضوي وبين مفهوم الذات. فالاضطراب يأتي عندما تكون الأحداث التي يتم إدراكها على أنها تنطوي على دلالة بالنسبة للذات تتعارض مع انتظام الذات، فإن الأحداث إما أن تلقى الانكار أو تلقى تحريفا إلى الحد الذي تصبح معه صالحة للتقبل ويغدو التحكم الشعوري أكثر صعوبة عندما يناضل الكائن الحي إشباعا لحاجات لا تحضى شعوريا بالاعتراف ويناضل استجابة لخبرات تلقى الانكار من الذات الشعورية، عندئذ يحدث التوتر، فإذا ما أصبح الفرد بأي درجة على وعي بهذا التعارض فإنه يشعر بالقلق وبأنه غير متحد أو غير متكامل وبأنه غير متيقن من وجهاته وعدم المطابقة أو الملائمة ما بين إمكانات الفرد ومنجزاته وما بين الذات المثالية والذات الممارسة يؤدي إلى انخفاض مستوى تقدير الذات والشعور بالذنب والقلق. (وحيد مصطفى،2003).
2-3- تقدير الذات والخجل:
مما لاشك فيه أن تقدير الذات يلعب دورا محوريا في ظهور أو اختفاء اضطراب الخجل أو الارتباك ويجب هنا التفرقة بين الخجل والحياء، فقد أشارت نتائج دراسة أجراها "لويس وزملائه" (1992) إلى أن تقدير الذات يتأثر بطبيعة المهمة التي يؤذيها الفرد ، وذلك من حيث الصعوبة والسهولة فإنجاز مهمة صعبة بنجاح يؤدي إلى ارتفاع تقدير الذات، أما الإخفاق في مهمة سهلة يولد الإحساس بالخزي الذي يتطور إلى الخجل ، وذلك نظرا لانخفاض تقديره لذاته.
كما أن ملاحظة الآخرين لسلوك الفرد وتأثير الفرد الظاهر في الآخرين و استجاباته لهم، تشكل معا توقعه عن كفاءاته الاجتماعية ويعتمد الفرد على تلك التوقعات حينما يختار النشاط الاجتماعي الذي يشارك فيه، وكذلك فإن معتقداته عن فاعلية ذاته في نوعية ما سوف يصدره من سلوك. أي إذا كان سيتبنى أنماط السلوك الحذر أو الاحتراسي والدفاعي أم لا. وتبني الفرد لتلك الأنماط السلوكية يؤدي به إلى الفشل والاضطراب الاجتماعي، ويؤدي تقدير الذات دورا أساسيا في هذه العملية حيث أن للفروق الفردية في تقدير الذات (منخفض، متوسط، مرتفع) دورا أساسيا فيما إذا كان الفرد أو الطفل سوف يضع لنفسه توقعات تقوده إلى الخجل أم توقعات أخرى بديلة تؤدي به إلى مزيد من الثقة بالنفس في المواقف الاجتماعية (راي كروزير ،2009).












عرض البوم صور عثمان شجاع   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مراحله, مستوياته،, الذات:, تعريفه،, تقدير, ونظرياته


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

free counters

الساعة الآن 09:55 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

استضافة و تطوير: شركة صباح هوست للإستضافه