رسم الشجرة على الجانب الأيسر من الورقة: خصوصية عصبية أن تأثير اتجاهية اللغة

[بنعيسى زغبوش]

مرجع هذا المقال:
- زغبوش، بنعيسى؛ وبيكار، دلفين (2015). رسم الشجرة على الجانب الأيسر من الورقة: خصوصية عصبية أن تأثير اتجاهية اللغة. مجلة علوم التربية والتكوين والتقويم، 3/2، 72-87


رسم الشجرة على الجانب الأيسر من الورقة:
خصوصية عصبية أم تأثير اتجاهية اللغة؟

بنعيسى زغبوش
مختبر العلوم المعرفية
كلية الآداب والعلوم الإنسانية – ظهر المهراز
جامعة سيدي محمد بن عبد الله - فاس – المغرب

ديلفين بيكار Delphine PICARD
جامعة إكس-مارساي - فرنسا
Aix Marseille Université, Centre de Recherche PsyClé EA 3273
& Institut Universitaire de France

ملخص
عرفت الدراسات النورولوجية المعرفية، والأبحاث بين-الثقافية المعرفية، تطورات مهمة في العقود الأخيرة. وأضحت العلاقة المقررة بين الإمكانات العصبية والقيود الثقافية وكذا تفاصيل التأثير والتأثر الممكنة بينهما من بين المواضيع المهمة لهذا التطور.
ويعد الرسم من أخصب المجالات التي تبلور فيها هذا النقاش، فقد أظهرت بعض الدراسات أن الانحياز الجانبي نحو اليسار في مهمة الرسم ("ارْسُمْ شَخْصاً")، ناتج عن تخصص الجانب الأيسر من الدماغ في معالجة المعطيات المكانية (Heller، 1991)، كما أوضحت دراسات أخرى تأثير اللغة (الانجليزية/العربية) على رسم منزل قريب وآخر بعيد (Vaid، 2011). من جانب آخر، تحيل دراسات مقارنة بين لغات تقرأ وتكتب في اتجاهين مختلفين في رسم السهم الزمني (زغبوش وطرواديك، 2006؛ Troadec وZarhbouch، 2011)، على وجود تأثير للعادات الثقافية (يتعلق الأمر بالمسح البصري المرتبط بالقراءة والكتابة نحو اليمين أو نحو اليسار) أكثر من تأثير التخصص نصف الدماغي.
وبناء على ما سبق، يروم هذا المقال الخوض في عمق هذا النقاش الهام حول الإمكانات العصبية والقيود الثقافية، حيث سنعمل على توضيح بعض خصوصياته من خلال دراسة مقارنة بين أطفال مغاربة وفرنسيين (7 – 11 سنة) من خلال مهمة "ارْسُمْ شَجَرَةً". لقد أظهرت نتائج دراستنا أن كلا المجموعتين ترسمان الشجرة بميل طفيف نحو اليسار، وأن العادات الثقافية لا تلعب دورا أساسيا في ذلك، بل يمكن أن يكون لرسم موضوع واحد يسار الورقة سبب دماغي.
تفيد نتائج هذه الدراسة، في مقارنتها مع دراسات أخرى، أنه يجب التمييز بين التعبير بالرسم والذي يمكن أن يكون كونيا، والتعبير الاعتباطي (اللغة) الذي قد يتأثر باتجاه عادات القراءة والكتابة، وأن كلا التعبيرين ينشطان مناطق مختلفة من الدماغ.

تقديــم
عادة ما يستعمل الباحث السيكولوجي نتائج الدراسات النورولوجية لتدعيم نتائج دراسات تجريبية. لكننا في دراستنا الحالية، سنلاحظ أن نتائج دراستنا السيكولوجية التجريبية تدعم نتائج أبحاث نورولوجية سابقة. وتستقي هذه الملاحظة مسوغها من خلال التساؤل الآتي: هل الإنسان مشكل مما هو عصبي، أم مما هو ثقافي، أم منهما معا؟ إن الجواب عن هذا السؤال العام، يحتم طرح سؤال إجرائي آخر سيكون منطلق دراستنا، ونصوغه وفق ما يلي: لماذا لا يرسم الأطفال بالضبط وسط مساحة للرسم؟
باعتماد هذا السؤال منطلقا لدراستنا، سنعمل أثناء الجواب عنه، على تناول مسألتين أساسيتين: تخص الأولى تحديد طبيعة الانحياز المكاني أثناء الرسم لدى الأطفال؛ وتروم الثانية تمحيص فرضيات متنافسة حول الانحياز المكاني، يركز بعضها على تخصص نصف الدماغي، في مقابل تركيز البعض الآخر على الميولات الاتجاهية الناجمة عن عادات القراءة والكتابة.

1. الأسس النظرية

تحميل المقال